المسؤول السوبرمان األخير زما َن ُه َ كنت فإني وإن ُ ُ األوائل ٍ آلت بما لم تستطع ُه نايف الفضلي tnayef nayef1406 تـأسـرنـا فـكـرة املـسـؤول املـدهـش ،ذلـك الـرجـل الـذي ال يـكـاد ميـر يـوم بـدون أن جتـد اسـمـه ف الـصـحـف وعـلـى شـاشـات الـتـلـفـاز وحـسـابـات الـتـواصل االجـتـمـاعـي ،األخـطـبـوط اإلداري الـفـذ ،والـبـارع ف تـسـويـق مـهـامـه ،وحـالل ال ـص ـعــاب ف ـي ـمــا يــواج ـهــه مــن ع ـق ـبــات ،ال ي ـتــأبــط امل ـش ـلــح إال ف ـي ـمــا لــزم، ويـتـنـاول طـعـامـه ف األمـاكـن الـعـامـة ،حـي يـتـحـدث يـأسـر ألـبـاب املـسـتـمـعـي، وحــي ي ـعــد ي ـن ـجــز ،ولــك أن ت ـب ـحــر ك ـمــا ش ـئــت ف األط ـنــاب ع ـلــى امل ـســؤول االستثنائي. مــا أن ي ـبــرز لــدي ـنــا ع ـلــى ال ـســاحــة أحــد هــؤالء امل ـســؤولــي ”ال ـف ـل ـتــه“ ح ـتــى تـتـهـافـت األنـفـس عـلـيـهـم بـي بـي إطـراء ومديـح وحتـمـيـد ومتـجـيـد ،وإن لـم يـسـلـمــوا مــن بـعــض الـتــألـيــب والـتـشـنـيــع؛ فـلـيــس هـنــالــك رأي وسـطــي حــول ه ــؤالء .جت ــد ال ـك ـث ـي ــري ــن ي ـت ـم ـن ــوا أن من ـل ــك ال ـق ــدرة ع ـل ــى اس ـت ـن ـس ــاخ ــه ف مــؤس ـســات وم ـنــاصــب الــدولــة ،ف ـن ـحــن إلــى ال ـيــوم ن ـس ـت ـج ـلــب أم ـجــاد رجــال قـدمـاء؛ نـتـحـسـر أن الـنـسـاء لـم تـلـد مـثـلـهـم ،ولـكـنـنـا أيـضـاً مـا أن يـسـطـع جنـم أحـد مـا ،حـتـى نـقـول هـذا خـلـيـفـة فـالن ف فـعـلـه ،وهـذا شـبـيـه املـلـك الـقـدي ف سطوته ف احلق. تـلـك الـفـكـرة عـن املـسـؤول االسـتـثـنـائـي جـعـلـتـنـا نـرى املـسـؤولـي الـعـاديـي بـعـي أخـرى ،أولـئـك الـذيـن يـقـومـون بـواجـبـاتـهـم عـلـى الـوجـه املـطـلـوب ووفـق الـضـوابـط ،ممـن ال نـلـمـس نـتـاج أعـمـالـهـم بـأنـفـسـنـا أنـهـم مـقـصـريـن بـشـكـل أو بـآخـر! وتـوشـك أصـابـعـنـا عـلـى الـتـيـبـس مـن كـثـرة مـا أشـهـرنـاهـا ف وجـه هـذا املـسـؤول أو ذاك .مـطـالـبـي ف مـجـالـسـنـا الـواقـعـيـة واإللـكـتـرونـيـة ،أمـا أن يلبس نفس قميص غازي والربيعة أو ليتنحى. ن ـع ــم ،ه ـن ــال ــك ب ـع ــض امل ـس ــؤول ــي ال ــذي ــن ل ــم ي ـح ــال ـف ـه ــم احل ــظ أو ن ـت ـي ـج ــة لـلـظـروف ،أو ثـقـل الـتـركـة ،وآخـرون قـصـروا بـحـق األمـانـة واملـواطـنـي ،وقـد شـاهـدنـا عـشـرات األوامـر املـلـكـيـة ف إقـالـة املـسـؤولـي وإعـفـائـهـم ،مـايـعـنـيـه ذلـك مـن وجـود مـراقـبـة دقـيـقـة وصـارمـة تـأتـي مـن أعـلـى سـلـطـة ف الـهـرم السياسي ،وتشير إلى أنه ال تهاون ف محاسبة املقصر كائن من كان. أن جنــاح امل ـســؤول ال يــرت ـبــط بــامل ـقــارنــة مــع غ ـيــره فــال مي ـكــن أن ي ـكــونــوا ج ـم ـيــع الــوزراء غــازي ال ـق ـص ـي ـبــي ،وال أن ي ـكــون ج ـم ـيــع ال ـس ـفــراء م ـح ـمــد ال ـش ـب ـي ـلــي ،ول ـكــن امل ـط ـلــوب م ـنــه هــي رعــاي ـتــه ملــا مــاهــو مــؤمتــن ع ـل ـيــه ف مـنـصـبـه ومـسـؤولـيـاتـه ،وتـسـهـيـل مـصـالـح املـواطـنـي وخـدمـتـهـم عـبـر تـفـهـم روح الـنـظـام أكـثـر مـن الـتـمـسـك املـتـشـنـج بـتـلـك الـنـصـوص وتـفـسـيـرهـا بـشـكـل ضيق ،خاصة ف ظل رؤية اململكة ٢٠٣٠م. رضــا ال ـنــاس غــايــة ال تــدرك .وأت ـف ـهــم أن هــذا اجلــانــب يــأتــي مــن ض ـمــن ط ـب ـي ـعــة ع ـمــل اجل ـهــات واملــؤس ـســات ال ـتــي ت ـخــدم مــواط ـن ـي ـهــا ،فــإن رضــي بعض سخط آخرون. ”غ ــازي ال ـق ـص ـي ـب ــي“ ال ـعَ ـل ــم ف االدارة وال ــدب ـل ــوم ــاس ـي ــة واألدب ،ص ــاح ــب املـعــارك بــال رايــة قــد أوجــز اخلـلــل ف كـتــابــه ”حـيــاتــي ف اإلدارة“ عـنــدمــا حتـدث عـن أدوار الـسـفـيـر اخلـفـيـة عـن الـعـامـة .وهـي ممـا يـجـوز تـعـمـيـمـه عـلـى مـن تـولـى مـنـصـبـاً عـامـاً ف الـدولـة ،يـقـول ):أن الـنـاس يـطـلـقـون عـلـى ال ـس ـفــراء ط ـي ـلــة الــوقــت أح ـكــام ـاً قــاط ـعــة ،وهــي أح ـكــام أب ـعــد مــا ت ـكــن عــن الـعـدالـة( ويـفـسـر ذلـك ):إن املـواطـنـي الـعـرب عـمـومـاً ،عـنـدمـا يـحـكـمـون ع ـلــى س ـف ـيــر مــا بــال ـن ـجــاح أو ال ـف ـشــل ي ـن ـط ـل ـقــون مــن اع ـت ـبــارات ش ـخ ـص ـيــة بـحـتـه; الـسـفـيـر الـذي يـلـقـاهـم بـالـتـرحـاب والـوالئـم يـتـحـول تـلـقـائـيـاً الـى أجنـح السفراء ،والسفير الذي متنعه مشاغل من اإليالم بكل زائر يصب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح ت ـل ـقــائ ـي ـاً ،أســوء ال ـس ـفــراء( .بــال ـط ـبــع ،ال ـت ـل ـقــي بــال ـتــرحــاب وإنــزال ال ـنــاس مـنـازلـهـم هـي حـق عـلـى اجلـمـيـع ويُـلـزم بـهـا أكـثـر مـن تـولـى مـن شـؤون الـنـاس م ـص ـل ـحــة وحت ـمــل األمــانــة ،ول ـكــن مــا ي ـق ـصــده غــازي ف ـي ـمــا أظ ـنــه هــو مــا يـخـتـزلـه الـعـامـة ف تـكـويـنـهـم صـورة منـطـيـة عـن مـسـؤول مـا ،دون الـتـريـث والـنـظـر بـحـيـاديـة جتـاه تـلـك االحـكـام املـسـبـقـة ،وف نـفـس الـوقـت أن نـكـون أكـثــر فـطـنــة مــن أن نـنـخــدع بــالــدعــايــة والـتـســويــق الذكــي لـتـمـجـيــد الـبـعــض بــدون ال ـن ـظــر إلــى ح ـق ـي ـقــة س ـجــالت اجنــازه ومــا أضــافــه وفــق م ـســؤل ـيــاتــه ومهام عمله. أتــذكــر أنـنــي ســألــت أحــد األصــدقــاء عــن أحــد أمــراء مـنـطـقـتــه الـســابـقــي الـتــي نـشـطــت ضــده حـمـلــة سـلـبـيــة كـثــر فـيـهــا الـلـغــط قـبــل قــرابــة عـشــريــن عــام ـاً ،فــأجــانــي بــإجــاب ـتــه ووقــوفــه مــوقــف احملــامــي ال ـص ـلــد ع ـنــه وهــو مــن غـ ـي ــر احملـ ـس ــوب ــي عـ ـلـ ـي ــه وال مم ــن ك ــان ــوا عـ ـل ــى صـ ـل ــة ب ــه ،ق ــائ ــل أن ذاك املـسـؤول كـان أفـضـل مـن تـولـى زمـام املـنـطـقـة ونـفـع أبـنـائـهـا ،فـشـق الـطـرق ووسـع املـدن وشـغـل الـعـديـد مـن املـسـتـشـفـيـات مـن الـدرجـة األولـى ،وأسـس جـامـعـة كـانـت حـلـم بـالـنـسـبـة لـهـم ،والـعـديـد مـن املـشـاريـع الـتـي ال نـعـلـم هـل كــانــت ل ـت ـكــون لــولــم ي ـس ـخــر ال ل ـهــم هــذا الــرجــل ،وأن ـهــم أب ـنــاء امل ـن ـط ـقــة ي ـع ــرف ــون ج ـي ــداً ب ـه ـت ــان م ــا أش ـي ــع ع ـن ــه .رغ ــم ص ـم ــت اإلع ــالم ،وب ــدائ ـي ــة اإلن ـتــرنــت ذلــك احلــي ،أس ـت ـطــاع ذلــك امل ـســؤول أن يــرســخ صــورة ذه ـن ـيــة ايـجــابـيــة عـنــه أمــام جـمـهــوره .كــل مــافـعـلــه أنــه جتــاهــل مــن يـصـطــادون ف املــاء الـعـكــر وركــز عـلــى الـعـمــل بــإخــالص وفــق مـســؤلـيــاتــه واداء مــا ائـتـمـنــه عليه والة االمر من األمانة. يـحـكــي أحـمــد الـعـســاف ”مــدون سـعــودي“ عــن مــواطــن بــاكـسـتــانــي ،لــديــه مــن احلــب والــوالء لـلـمـمـلـكــة وشـعـبـهــا مــا ال يــوصــف ،والـسـبــب أن زوجـتــه كـانـت تـعـانـي مـن طـلـق مـؤلـم ،ولـيـس لـديـه مـال يـكـفـي لـتـنـوميـهـا ف مـشـفـى خـاص ،فـفـوجـئ بـرجـل يـدفـع لـلـمـسـتـشـفـى تـكـالـيـف الـوالدة مـن تـلـقـاء نـفـسـه، وحـي سـأل عـنـه ،قـيـل هـذا مـحـمـد الـشـبـيـلـي سـفـيـر الـسـعـوديـة ،ومـن تـلـكـم الليلة الشاتية ،أقسم الرجل أنه سعودي الهوى والقلب! خــالل ع ـم ـلــي ال ـتــي ت ـشــرفــت ف ـيــه ب ـخــدمــة املــواط ـنــي خــالل س ـبــع س ـنــوات قـضـيـتـهـا ف اخلـارج ،كـمـثـل الـكـثـيـريـن مـن الـزمـالء االفـاضـل ،واجـهـت فـيـهـا احملُ ـســن وامل ـس ـيــئ ،وامل ـت ـف ـهــم واجلــاحــد ،وأعــي متــام ـاً بــأن ط ـب ـي ـعــة ع ـم ـل ـنــا تـفـرض حـقـيـقـة بـأنـك لـن تـسـتـطـيـع أن تـرضـي اجلـمـيـع ،فـصـاحـب احلـاجـة حلــوح كـمــا يـقــولــون ،وهــو يـعـتـقــد بــأنــك قــادر عـلــى حـلـحـلــة تـلــك الـصـعــاب الـتـي يـواجـهـهـا ،وأنـك متـلـك اإلمـكـانـيـة لـتـنـفـيـذ رغـبـاتـه وحتـقـيـق طـمـوحـاتـه، أو رد الـسـوء عـنـه إذا مـا ارتـكـب مـا يـخـشـى تـبـعـاتـه الـقـانـونـيـة .وهـو حـيـنـمـا ي ـل ـجــأ إل ـيــك بــدون ســابــق م ـعــرفــة ف ـهــو ي ـل ـجــأ حل ـكــومــة امل ـم ـل ـكــة ال ـعــرب ـيــة الـسـعـوديـة ،مـتـأمـالً ف سـرائـر نـفـسـه بـأن ال يـغـادر ذلـك املـبـنـى إال واحلـل ف ي ــده .وألن امل ــوظ ــف م ـه ـم ــا ع ـل ــت م ــرت ـب ـت ــه م ــا ه ــو إال م ـن ـف ــذاً ل ـن ـظ ــام مـنـصـوص عـلـيـه وضـمـن مـظـلـة أعـلـى ف املـرجـعـيـة االداريـة ومـا يـتـرتـب عـلـى ذلـك مـن وجـود هـامـش صـغـيـر لـلـتـحـرك داخـل الـبـعـثـة الـدبـلـومـاسـيـة إال ان املـواطـن وقـد يـكـون مـغـيـب متـامـاً عـن تـلـك الـتـفـاصـيـل قـد ال يـتـفـهـم بـأن مـا جــاء مــن أج ـلــه ال مي ـكــن ت ـن ـف ـيــذه .إال انــه واجل ـم ـيــع -وانــا ع ـلــى ث ـقــة مــن ذلـك -يـقـدرون دائـمـاً بـشـاشـة الـوجـه ،والـتـلـقـي احلـسـن .وإبـداء االحـتـرام وال ـت ـعــاطــف وال ـت ـف ـهــم ،هــذه االخــالق ـيــات ال ـب ـس ـي ـطــة ك ـف ـي ـلــة بــأن جت ـعــل أي مـسـؤول ،مـهـمـا كـانـت صـالحـيـاتـه ومـسـؤولـيـاتـه ،مـسـؤالً مـدهـشـاً ف نـظـر االخ ــري ــن .وت ــذك ــر احل ــدي ــث ال ـش ــري ــف ):ان م ــن ات ــاه ال وج ـه ـاً ح ـس ـن ـاً، وخُلقاً حسناً ،واسماً حسناً ،فهو من صفوة اخللق (.
Enter the password to open this PDF file:
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-