الرد على "اوريجانوس و إشكالية الخلق" نقل (االزهري) ما لم يعقله في هذه المسألة بخصوص (اوريجانوس) في كتابه (ص – 255 )258و ما بعدها ،فزعم ان "اوريجانوس ال قائل بازلية االبن فحسب بل بأزلية الخليقة" ص 261 ،فاالبن و الخليقة متساويان عند (اوريجانوس) و بالتالي فهو نفس كالم (آريوس) و يكون التقليد لصالح (آريوس) ال الكنيسة! الرد من اربعة اوجه -1الفرق بين هللا و المخلوقات عند (اوريجانوس) يفرق (اوريجانوس) صراحة بين االقانيم و المخلوقات ،فينقل من رسالة الراعي لـ(هرماس) مقرا بما نقله 1 "خلق كل شيء و رتبه ،و اعطى الكون وجوده من العدم" بوضوح يؤكد (اوريجانوس) هنا ان الكون موجود من العدم ،creatio ex nihiloبينما يقول في نفس الصفحة عن االقانيم اإللهية "يلد االب االبن و ينفث الروح القدس[ ،ال كأنهما كائنان لم يوجدا من قبل] ،و لكن من حيث ان اآلب هو اصل االبن و مصدرهما مادمنا ال نقوى على االعتقاد بان فيهما ما قبل وما بعد" فينفي اوريجانوس بوضوح أيضا سبق العَدم على االبن و الروح ،هذا هو ُمح َكم كالم (اوريجانوس) و الذي يجب ان يُرد كل ُمتشابه من كالمه اليه. أي ان كون المسيح مخلوقا من العَدم لم يثره أي احد قبل آريوس ،و اوريجانوس طبعا قبل آريوس! مرة أخرى يتكلم عن المخلوقات في وجودها الذهني مسميا إياها (الطبائع العاقلة) فيقول 1 المبادئ ،منشورات المكتبة البولسية ،ترجمة جورج خوام البولسي ص 160 2 صنِعَت فيما لم تكن في الوجود" " ُ ثم يستمر موضحا الفارق بين المخلوقات تلك (الطبائع العاقلة) و بين (الثالوث) فيقول 3 "الحياة غير الجسمية امتياز الثالوث وحده" فهو هنا بوضوح ينص لفظيا بالتمايز بين 4 "[الطبيعة] التي هي غير [طبيعة اآلب و االبن و الروح القدس]" فهناك طبيعة واحدة للثالوث ،و هناك طبيعة أخرى للمخلوقات ،لذلك فعندما وضع (آريوس) تصرفا لقيطا بال أب ،لذلك حقا يقول (سوزومين) ُّ اقنوم اللوغوس مع المخلوقات من ال َعدم كان عن (آريوس) "يعظ في الكنيسة باي شيء لم يثيره احد من قبله ،أي ان ابن هللا لم يكن له وجود سابق، 5 انه كان هناك وقت لم يكن موجودا فيه" بل ان (االزهري) نفسه يعترف بهذا بيقول "ال يأخذ االخذون على آريوس شيئا في اعتماده على اوريجانوس اال ما كا من قول آريوس ان الكلمة اوجدت من العدم" ص 257 و هذا الفارق أصال يحسم المسألة ،و لكن كيف ال يتشقلب (االزهري) كعادته ليخفي ذلك الفارق فيقول "الخالف بين اريوس و اثناسيوس بشأن مذهب اوريجانوس،ال يفضى الى مزية تعود على االبن ،فهو عند آريوس مخلوق من العدم ،و عند اوريجانوس ازلي و الخليقة معه ازلية ،فأي خصيصة له" ص 257 انظر الى هذه الشقلبة! يقول (اوريجانوس) بازلية االبن يقول (آريوس) بخلقه من العدم فيتساوى االثنان في (عقل االزهري) ! 2 المبادئ ص 161 3 السابق 4 السابق 5 التاريخ الكنسي لسوزومين ،تعريب د.بوال ساويرس 3 /15 /1 وان كنا قد وضحنا مذهب (اوريجانوس) من كالمه عن الفرق بين (االبن) و (المخلوقات) فسقط صياح (االز هري) بمساواة (اوريجانوس) بين (االبن) و (المخلوقات) فماذا قصد اذن حين تكلَّم عن ازليتها؟ هذا ما نوضحه في األوجه التالية -2ازلية فعل الخلق يقول اهل السنة و الجماعة كما يقرره (الماتريدية) 6ان الخلق او التكوين قديم ،اما المخلوقات فهي حادثة بعد العدم ،فيقول (عبد هللا الهرري) المعروف (بالحبشي) في شرح الطحاوية 29 – 28 "ال يلزم من قِدم التكوين قِدم المكَّون...التكوين [ازلي] و المكونات حادثة ....فعل هللا [ازلي] و مفعوله حادث.....فاذا قيل احيا هللا كذا ...فال ُمحيا حادث اما احياء هللا له فهو [ازلي]....اشقاء هللا للذين اشقاهم و اسعاد الذين اسعدهم [ازلي] ،و هذا االعتقاد كان هو اعتقاد السلف " و قال في ص 31 " انه تبارك و تعالى كان محيي الموتى [في االزل قبل حدوث الموتى] و حدوث الموتى ال ينافي [قِدم اماتته لهم] " فعند الكل المخلوقات نفسها جاءت من العدم بعد ان لم تكن ،اما فعل الخلق نفسه فهو قديم قال أيضا "ناقش االشاعرة الماتريدية في هذه المسألة فقالوا :بانه يلزمكم على ما ذهبتم اليه جعل المكون ازليا قديما" الهرري ص 31-30 َّ ثم علق 6 في مؤتمر (الشيشان) الذي حضره (االزهر) ممثال بشيخه (أحمد الطيب) اعلنوا ان (اهل السنة) هم (االشاعرة والماتريدية و الصوفية) و بعد الهجوم عليه أضاف اليهم شيخ االزهر (السلفية). "هذا اختالف لفظي ،اختالف في التعبير ،و كال الفريقين على هدى ،انما الضرر األعظم و الكفر و االلحاد هو ان يقول القائل :هللا تعالى يقوم به صفة حادثة كابن تيمية" الهرري ص 31 طبعا لم ي ُِجب الهرري على هذا اإللزام ،و انما اعلن بجرة قلم ان هذا االختالف لفظي! و نترك لـ(االزهري) مهمة انقاذ اخوته (الماتريدية) من الزامهم بالشرك! و أيا ما كان الطريقة التي سيخرجهم بها فهي طريقة تفسير كالم (اوريجانوس) حيث انني يُحمل كالم (اوريجانوس) على ازلية أفعال هللا الذي ال تقوم به الحوادث ،ال ازلية المخلوقات ،و ان كان بهذا يتوجه كالم (اوريجانوس) على مذهب اهل السنة (االشاعرة و الماتريدية) ،فماذا عن اهل (الكفر و االلحاد) كابن تيمية حسب وصف الهرري؟ -3القدم النوعي للعالم (المخلوقات) يزعم (الوهابية) و من تابعهم ان (االزهر) االشعري و كل الفئات المشاركة في (مؤتمر الشيشان) السابق ذكره هم من (اهل البدع) اما اهل السنة فهم من يؤمنون بما يؤمن به (ابن تيمية) ،و ان تركنا أولئك و نظرنا في عقائد هؤالء فنجد ابن تيمية يؤمن بـ (ال ِقدم النوعي للعالم) و هو مشهور عنه ،و يؤمن أيضا بـ (تسلسل الحوادث) و هذا كله معناه عند مخالفي (ابن تيمية) انه يساوي بين (هللا) و (المخلوقات) – الحظ انها نفس تهمة (االزهري) لـ (اوريجانوس) -و لكن هل يعني هذا عند شيعة (ابن تيمية) المساواة بين هللا و العالم فعال ؟ تنقل كاملة الكواري االعتراض على ابن تيمية فتقول " القول بتسلسل الحوادث في جانب االزل بال بداية معناه القول ب ِقدم العالَم" و تقول ان الرد هو "ال يلزم من ذلك قِدم العالم" متعلق فتقول ِ تعقب بتعليل غير و هي هنا ال توضح وجه عدم االلزام! بل ِ "ألن كل ما سوى هللا محدث ممكن الوجود"! 7 حسنا ،هذا ال ينفي االلزام ،بل غايته توضيح ان هناك تناقضا في العقيدة! 7 كاملة الكواري ص 132 ثم ال تكتفي كاملة بذلك و لكنها تزعم الزاما مضادا فتقول "القول بان الحوادث لها أول يلزم منه التعطيل قبل ذلك و ان هللا لم يزل غير فاعل ثم صار 8 فاعال" سنفصل ذلك الحقا ،غير ِ و رد االلزام بالزام مضاد ليس ردا انما مزيد من ابراز التناقض ،و انه ما يهمنا هنا هو تطور عقيدة (أزلية فعل الخلق) السابق ذكرها ،الى ما ذكره ابن تيمية عن (قِدم نوع العالم) ،فبات عنده قديمان = (هللا) و (نوع العالم) فلم يعد امام (االزهري) اما ان يكفر (ابن تيمية ) او يقوم بتأويل كالم (اوريجانوس) بنفس تأويله لكالم (ابن تيمية) و سنترك ِ االزهري هنا في حيرته الجديدة و ننتقل الى الوجه الرابع. -4قِدم الخلق بالعلم ففي تاريخ 1أغسطس 2021نشر االزهري صورته على الفيسبوك و كتب عليها "شرح مقدمة عقائد أهل السنة للشيخ محمد حياة السندي المدني -رحمه هللا رحمة واسعة، وقد ختمناها في مجلس ما جاوز ساعتين" و لو كان االزهري يعقل ما يقرأه فهذا ال ُك ِتيب نفسه يقول بنفس قول اوريجانوس وهو قِدم الخلق بالعلم ! فقد جاء في ص 28ان (العلم) صفة ازلية هلل ،ثم في ص 35قال عن المخلوق من العدم [الممكن] ما نصه "باعتبار النظر الى تعلُّق علم هللا تعالى بوجود بعض الممكنات فالبد ان يوجد ذلك الممكن الذي تعلق علم هللا بوجوده ،لئال ينقلب علمه جهال ،تعالى هللا عن ذلك ،فوجود ما ُوجد او يوجد من الممكنات جائز من حيث ذاتها ،الزم من حيث تعلق علم هللا بوجودها في أوانه" و ال يحتاج األمر الى كثير من التفكير عندما تجمع النصين معا ،فتعلم ان العلم االزلي تعلق بوجود المخلوقات [الممكنات] و بالتالي اصبح وجود تلك المخلوقات ازليا على األقل في (العلم/اللوغوس) 8 ص 132 و هذا هو نفس كالم (اوريجانوس) فهل يؤمن (االزهري) أيضا بازلية المخلوقات ؟ ام عليه االن ان يفرق بين ازلية المخلوقات في (علم هللا) و بين (علم هللا نفسه) ؟ فان آمن بازلية المخلوقات فقد أشرك و أخرج نفسه من حظيرة اإلسالم فليكتب كتابا يدافع فيه اذن عن تقليده هو و يترك غيره ،و ان فرق بين االثنين فليتراجع اذن عما نسبه تكلمه فيما لم ِ لـ(اوريجانوس) من عدم التفرقة بين (اللوغوس) و (المخلوقات) و ليعتذر عن يعقله ! على ان هذا لم يأت فقط عند السندي بل كل من فَ ِقه هذه القضية كتقرير الهرري في شرح الطحاوية "خلق الخلق على حسب علمه االزلي و تقديره االزلي....فالمخلوقات التي خلقها فدخلت في الوجود ،و التي ستخلق و لم تدخل في الوجود بعد كل بعلمه االزلي " ص 33 و قال في ص 56 " يستحيل ان ال يعلم ما يكون من مخلوقاته قبل وجودهم اذ ذاك جهل و الجهل في حق القديم محال ،فثبت سبق علمه في االزل بما يكون من مخلوقاته" فظهر مما سبق ان عقائد المسلمين تدور في فلك (اللوغوس) القديم الذي ال يتغير و المحيط بكل مخلوقاته ،حتى و ان انكروا الهوته ،حتى و ان زعموا مساواة (اوريجانوس) بينه و بين المخلوقات بسبب ازلية ما مشتركة ،اال ان الحقيقة واضحة :هم ُمجبرون على التسليم بصحة المسيحية ال االريوسية ،و بارثوذكسية (اوريجانوس) مهما تمحكوا في الفاظ ال يعقلوها!
Enter the password to open this PDF file:
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-