يوميات فوكس ميكي تأليف ساشا تشيورني ترجمة آية حسن حسان مراجعة هبة عبد المولى أحمد Дневник Фокса Микки يوميات فوكس ميكي Sasha Chernyi ساشا تشيورني الناشر مؤسسة هنداوي المشهرة برقم ١٠٥٨٥٩٧٠ بتاريخ ٢٦ / ١ / ٢٠١٧ يورك هاوس، شييت ستريت، وندسور، SL4 1DD، المملكة المتحدة ٨٣٢٥٢٢ ١٧٥٣ )٠( ٤٤ + تليفون: hindawi@hindawi.org البريد الإلكتروني: https://www.hindawi.org الموقع الإلكتروني: الكتاب عن آراء مؤلفه. ِّ إن َّ مؤسسة هنداوي غير مسئولة عن آراء المؤلف وأفكاره، وإنما يعبر تصميم الغلاف: ليلى يسري الترقيم الدولي: ٩ ٣٠٨٤ ٥٢٧٣ ١ ٩٧٨ صدر الكتاب الأصلي باللغة الروسية عام ١٩٢٧. صدرت هذه الترجمة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٣. جميع حقوق النشر الخاصة بتصميم هذا الكتاب، وتصميم الغلاف، والترجمة العربية لنص هذا الكتاب مُرَخَّ صة بموجب رخصة المشاع الإبداعي: نَسْ ب ُ المُصنَّ ف، الإصدار ٤٫٠. جميع حقوق النشر الخاصة بنص العمل الأصلي خاضعة للملكية العامة. يوميات فوكس ميكي عن زينا والطعام والبقر وأشياء أخرى مالكتي زينا تُشبِه فوكس أكثر مما تُشبِه الفتيات؛ إنها تقفز في كل ِّ مكان، وتلعب وتحاول التقاط الكرة بيدِها )لا تستطيع أن تلتقطها بفمها(، وتبتلع السكر تمامً ا مثل كلب ٍ صغير. دائمً ا ما أتساءل: هل لها ذيل؟ إنها دائمً ا ما تتجوَّ ل مُرتدية ً بطانيتها الصغيرة وتأخذها معها إلى الحمَّ ام، ولا تسمح لي بالذهاب معها؛ فلربما تجسَّ ست ُ عليها. ظلَّ ت البارحة تتفاخر أمامي وتقول: انظر إلى عدد الكرَّ اسات التي لدي َّ يا ميكي. واحدة للحساب، وواحدة للإملاء، وأخرى للموضوعات الإنشائية ... بينما أنت جَ رْو تَعِ س الحظ لا تستطيع التحدث أو القراءة ولا حتى الكتابة. هووو! لكنني أفكِّ ر، وهذا هو الأهم. أيهما أفضل؟ فوكس ذكي أم مجرد ُ ببَّ غاء يردِّ د الكلمات؟ ها! أستطيع القراءة قليلاً ، ولكني أقرأ فقط كتُب َ الأطفال ذات الأحرف الكبيرة. كما أنني أكتب ... حسنًا، اضحك ... اضحك كما تشاء )لا يَرُوقني الأمر ُ عندما يَسخَ ر مني(، وأستطيع الكتابة كذلك. ُ الناس صحيح ٌ أن َّ أصابعي لا تَنثني؛ لأنني لست ُ إنسانًا أو قردًا، لكنني أستطيع على الأقل أن ألتقط القلم بفمي وأحرِّ كه على الورق في خطوط ٍ طويلة متعرِّ جة بلا مَ لل، وأكتب. في البداية، كانت الحروف تبدو مثل ديدان ٍ مسحوقة، لكن فوكس لديه إصرار وهمَّ ة تَفُ وق أي َّ فتاة. يوميات فوكس ميكي أستطيع الآن الكتابة َ مثل زينا. ولكن المشكلة الوحيدة أنني لا أستطيع بَرْي القلم. وعندما لا أستطيع الكتابة َ بالقلم الذي معي، أتسلَّ ل بهدوء إلى المكتب وآخُ ذ حَ فنة ً من الأقلام الجاهزة التي بَرَتها أفراد ُ العائلة. وضعت ُ ثلاث َ نجمات عن عمد. لاحظت ُ هذا في كتب الأطفال، عندما ينتقل الشخص إلى فكرة جديدة يضع ثلاث َ نجمات ... ٌ ما أهم ُّ شيء في الحياة إذَن؟ إنه الطعام. لا يوجد ما يُضاهيه أهميةً . لدي َّ هنا منزل مَ ليِ ء بالناس، إنهم يتحدثون ويَقرءون ويَبكون ويَضحَ كون، ثم يجلسون ليأكلوا بكل ً هدوء. يأكلون صباحً ا، ويأكلون في منتصَ ف اليوم، ويأكلون مساءً. بل إن َّ زينا تأكل ليلا أيضً ا؛ إذ تُخبِّ ئ تحت فراشها البسكويت َ والشوكولاتة وتتناولهما خُ لسةً . كَم ْ يأكلون كثيرًا! وكَم ْ يأكلون طويلاً ! يأكلون وجبات ٍ كثيرة وبكَميات ٍ وفيرة، ثم يقولون إنني أنا الشرَّ ِ ه ... يضعون في طبقي العَ ظْمة المتبقية من شرائح الكستلاتا )بينما يتناولون هم الكستلاتا نفسها(، بجانب نِصف صحن من الحليب، وهذا كل ُّ شيء. وأنا هل أشتكى؟ هل أطلب المزيد َ مثل زينا ومثل بقية الأطفال؟ هل أتناول هذه الحلويات الأشبه بالعجينة التي يُسمُّ ونها الجيلي، أو هذا الوحل السائل ٌ بطعم البرقوق والزبيب، أو هذا الشيء المريع البارد الذي يُسمُّ ونه الآيس كريم؟ أنا كلب كيِّ س وحسَّ اس؛ لأنني أنتمي في الأساس إلى الثعالب. أستطيع قضم العَ ظم وأكله، والتحلية بقطعة بسكويت من يد زينا، وهذا يكفيني. لكن هم ... لا أعلم ما فائدة الحَ ساء؟ أليس الماء ُ بلا إضافات لذيذًا بما فيه الكفاية؟ وما فائدة ُ البازلاء والجزر والكرفس وغيرها من الإضافات العديمة النفع التي تُفسِ د الشواء؟ لا أعلم لم َ يحبونها من الأساس؟ منذ فترة تذوَّ قت ُ قطعة ً من اللحم النِّ يء )سقطَت على أرض المطبخ؛ ومن ثَم سُ مِ ح لي بأكلها!( أؤكِّ د لكم أنها كانت ألذ َّ بكثير من قِ طع اللحم الأخرى التي تُصدِر أزيزًا في المِ قلاة. لتتخيَّ لوا فقط كيف يكون الطعام جيدًا بلا سلق أو قلي! لن يكون هناك طُهاة، وهذا أفضل؛ فهم لا يعرفون كيف يطهون على نحو ٍ لائق للكلاب. وإذا بدأنا في تناول طعامنا على الأرض دون َ أطباق، أصبَح الأمر ُ أكثر إمتاعً ا من وجهة نظري الخاصة. عندما يجلسون 6 يوميات فوكس ميكي هم إلى الطاولة بينما أجلس أنا تحت الأقدام، فإنهم يدفعونني ويرتطمون بي ويَدوسون على كفوفي طوال الوقت ... نَعَ م تخيَّ لوا كم هذا ممتع! أو ربما الأفضل من ذلك هو تناول الطعام على العشب أمام المنزل. كل ُّ فرد يحصل على قطعة ِ لحم ٍ نيئة، وبعد أن نتناول عشاءنا يبدأ الجميع في اللعب والصراخ مثلما نفعل أنا وزينا. هوو! هوو! ويُسمُّ ونني أنا الشرَّ ِ ه )فقط لأنني أخذت ُ رَشفة ً من حليب القِ طة، فكِّ روا جيدًا مَ ن الشرَّ ِ ه( ... حتى بعد الحَ ساء، واللحم المَشوي، والكمبوت، والعصير، يشربون أيضً ا عِ دَّ ة أشياء مُلوَّ نة: الأحمر يُسمُّ ونه نبيذًا، والأصفر جِ عَ ة، والأسود قهوة ... لماذا؟ لا أعرف، ولكنني أجلس تحت الطاولة أتثاءب إلى حد ِّ البكاء من شِ دَّ ة الملل، رغم أنني اعتدت ُ التسكُّ ع حول البشر، فإن َّ كل َّ ما يفعلونه هو الجلوس ثم الجلوس ثم الجلوس. هوو! والثرثرة، ثم الثرثرة، ثم الثرثرة، كما لو أنهم ابتلعوا جراموفون في بطونهم. ثلاث ُ نجمات ٌ فكرة ٌ جديدة. بقرتُنا دورا. لم َ تُعطي هذا القَ دْر الكبير من الحليب؟ لديها ابن ٌ واحد — عِ جل صغير، ومع ذلك فإنها تُعِ يل البيت َ كلَّ ه. ولكي تَتمكَّ ن من إعطاء كثير من الحليب تأكل طوال َ اليوم، تأكل العشب ... تأكل ... وتأكل. من المؤسِ ف مُشاهَ دتُها تفعل هذا طوال َ اليوم. لكن لا أستطيع منْع َ نفسي عن التفكير ... لماذا لا يعطي الحِ صان ُ أيضً ا هذا الكَم َّ الكبير من آخَ ر؟ ٍ الحليب؟ ولماذا تُطعِ م القطة ُ صِ غارَها فقط ولا تَهتم ُّ بأي ِّ شخص تُرى، هل يستطيع الببَّ غاء ُ القادر على الكلام أن يأتي بفكرة كهذه؟ بل تُساوِ رني أفكار ٌ أكثر من ذلك. لماذا يضع الدجاج هذا القدْر َ من البيض؟ هذا مريع ... إنهم لا يستمتعون أبدًا ولا يَمرَحون، ويَمشون مُنوَّ مين مثل سرِ ب ٍ من الذُّ باب. نَسُ وا كيف يَطيرون، ولا يغرِّ دون مثل الطيور الأخرى ... للأسف كل ُّ هذا بسبب البيض. أنا أَكْرَه البيض، زينا أيضً ا تَكرَهه. إذا أمكنني الحديث ُ بلُغة الدجاج، فسوف أنصحُ هم بعدم ِ وضع ِ كَمِّ يات ٍ كبيرة من البيض. من الجيد أنني أنتمي إلى الثعالب: أنا لا آكُل الحساء، ولا أعزف هذه الموسيقى الغريبة التي تُجهِ د أصابع َ زينا، ولا أُدِ ر ُّ الحليب َ »وما شابَه« كما يقول والد ُ زينا. 7 يوميات فوكس ميكي القلم ُ الرَّ صاص. يجب أن أنتبه أكثر َ أثناء الكتابة، المدارس ما زالت َ رائع! انكسر مُغلَقة وليس هناك عدد ٌ كبير من أقلام الرَّ صاص المَبرْ يَّ ة. في المرة القادمة سأكتب ُ قصائد َ كِلابية، هذا يثير اهتمامي كثيرًا. فوكس ميكي أول كلب يستطيع الكتابة قصائد وقِطط وبراغيث دائمً ا ما يقرأ الكبار ُ لأنفسهم بلا صوت. الكبار هم أكثر ُ الناس مَ للا ً تمامً ا مثل الكلاب َ المُسِ نَّ ة. أمَّ ا زينا فهي تقرأ بصوت ٍ عالٍ ؛ فهي تُردِّ د الحروف والكلمات بصوت ٍ عال ٍ طوال الوقت، بينما تُصفِّ ق على ركبتَيها أو تُخرِ ج لسانَها لي. بالطبع هذا مُسل ٍّ أكثر. أمَّ ا أنا، ُ فأتمدَّ د تحت المكتب، أستمع إليها بينما أحاول الإمساك بالبراغيث؛ ومن ثَم يصبح وقت القراءة مُمتِعً ا. لاحظت ُ أن َّ هناك أشياء َ تَقرؤها زينا بطريقة ٍ خاصة جدٍّا كأنها تُقطِّ ع شرائح من اللحم. كانت تقرأ جملةً ، ثم تقف لفترة ٍ قبل أن تبدأ جملة ً أخرى. وفي نهاية ِ كل ِّ سطر، دائمً ا ما توجد كلمات ٌ متشابهة ذات ُ نغمة ٍ مميَّ زة مثل »أطفال – أعمال« أو »بسمة – خمسة« ... هذا هو الشِّ عر. بالأمس أمضيت ُ اليوم كلَّ ه مُستلقيًا تحت الأريكة، حتى إنني فقدت ُ بعضً ا من وزني. كنت أرغب في تأليف ِ شيء من هذا القبيل. وفي النهاية، توصَّ لت ُ إليه وأنا فخور بنفسي. ً عبر ْ َ النافذة تَسمع ُ الرياح َ جامحة ً تقود خلفها الأوراق َ مُسرِ عة بينما جلست ُ أنا فوكس ميكي أُراقبُها بذكائي الذي فاق َ المخلوقات ِ قاطبةً . عظيم! بعد أن كتبتُه كنت ُ مُتحمِّ سً ا للغاية حتى إنني لم أستطِ ع تناوُل َ الغداء. هل تَتصوَّ رون؟ هذه أول ُ قصيدة يَكتبها كلب ٌ في العالَم، لكنني لم أدرُس في مدرسة ٍ متخصِّ صة ولا في ورشة للشعر ... هل تستطيع الطاهية ُ أن تؤلِّ ف مثل َ هذه القصائد؟ كما أنها تَبلغ َ من العمر ثلاثة ً وأربعين عامً ا، بينما ما زلت ُ في عامي الثاني. هوو! زينا التي تُشبِه زنابق الماء ليس لديها أي ُّ فكرة عمَّ ن يعيش تحت سقف منزلها ... لقد لفَّ تني في وِ شاح ٍ كبير، 8 يوميات فوكس ميكي ُ ووضعَ تني بين ركبتَيها، ثم وضَ عَ ت لي طلاء َ الأظافر بأداة تشبه جِ لد َ الغزال. جلست ُ أتنهَّ د في صمت. هل يُمكِ ن لهذه الفتاة أن تقدِّ م أي َّ شيء ٍ ذي قيمة للمجتمع مِ ثلي؟ وبينما نحن جالسان لا نستطيع الحَ راك، أخذت ُ أقرأ قصائدي من جديد. هوو! تُرى هل يمكنني أن أجعل القصيدة رنَّ انة أكثر من ذلك؟ ً عبر ْ َ النافذة تَسمع ُ الرياح َ جامحة ً تقود ُ خلفها الأوراق َ مُسرِ عة بينما جلست ُ أنا فوكس ميكي أُراقبُها بذكائي الذي فاق َ المخلوقات ِ قاطبة ً ... أوه، لا لا لا، ما هذا؟ إنها القطط ُ مرة ً أخرى. هل يخبرني أحد ٌ من فضلكم أين هي والدتُها؟ يا لها من مخلوق ٍ ماكِر بمجرد ِ أن يأتي الصباح تذهب وتختفي في الحديقة طوال َ اليوم، بينما تترك صِ غارها هنا مُعلَّ قة ً على ظَهري مثل جِ ذع شجرة وعلي َّ أن ألعب معها ... إحداها تَلعَ ق أصابعي. هل تظن ُّ هذه القطط ُّ أنفي، وبمجرد أن أُنزِلها عن رأسي أجد ُ قطة ً أخرى تَمص أنني أمُّ ها أم ماذا! أمَّ ا القطة الثالثة، فتزحف على ظهري وتخدشه؛ فمع أنها قِ طة ٌ صغيرة، فإن كفوفها مثل المِ بشرة. إرررر ... اهدأ يا ميكي اهدأ ... تبتسم زينا، وتحاول أن تَكتم ضحكاتها وهي تقول: »أنت ابن ُ عمومتها كما يقولون.« لست غاضبًا: إنها بحاجة إلى مَ ن يلعب معها، وهي أيضً ا بحاجة إلى اللعب والخدش ... لا أدري لم َ تَضحك هذه الفتاة ُ الغريبة؟ أوه يا لها من مفاجأة! هذا غريب! لقد عادت القطة ُ الماكرة أخيرًا إلى صِ غارها. عندما تركتني القطط ُ الصِّ غار وزحفَ ت ناحيتَها، راقبتُها حتى وصلت تحت مفرش المائدة، ارتجفت ُ وانتصب َ شعري كمدًا، وبكيت ُ بعصبية. يجب أن أكتب قصيدة ً عن مشاعري هذه. ذهبت ُ إلى الزقاق. لا أريد أن ألعب َ مع القطط بعد الآن! لم تُقدِّ ر ما في قلبي. ولا أريد اللعب َ مع زينا أيضً ا! لقد لطَّ خَ ت وجهي بأحمر الشِّ فاه ... سأصبح كلب َ فوكس بريٍّا، وسوف أعتاد أكْل الكستناء واصطياد َ الحَ مَ ام ... هووووو! يجلس أمام آلة ٍ رأيت ُ صورة ً قديمة على إحدى أسطوانات الجراموفون، كانت لكلب ِ فوكس البوق، وينحني برَقَبته مُقرِّ بًا أذنَه كي يسمع جيدًا ... كلام ٌ فارغ! لن يستمع أي ُّ فوكس 9 يوميات فوكس ميكي محترَم إلى هذا الصفير المزعِج الصادر عن البوق. لو كنت ُ والِد زينا، لَفضَّ لت ُ أن أضَ ع َ البقرة في غرفة المعيشة. إنها أيضً ا تُصدِر صفيرًا وخُ وارًا، كما أنه سيكون من الأسهل حلبُها في المنزل بدلا ً من الذهاب إلى الحظيرة كل َّ يوم. غريبون هم البشر ... آه، نَعَ م، لقد تصالحت ُ مع زينا. جلسَ ت تُدحرِ ج الكرة َ الكبيرة على الأرض وأنا أحاول إيقافَها بكل ِّ قُوَّ تي. أوه، هذه هي لُعبتي المفضَّ لة، أحب ُّ مطارَدة كل ما يتحرك وكل ما يَدور، من المُسلي ِّ الإمساك ُ بها ... إلا أن َّ الفتاة تظل ُّ فتاة ً في النهاية. في النهاية، جلست ُ على الأرض وتَثاءبت ُ ثم قالت: »ميكي، أَلا َ تتعب من لعب اللعبة نفسها ولو مائة َ مرة؟« بلى، لا أتعب؟ إنها لديها دُمية وكتب ٌ وأصدقاء، ووالدها يُدخِّ ن ويلعب بالبطاقات السخيفة ويقرأ الصحف، ووالدتها لديها العديد من الملابس والفساتين التي ترتديها وتغيرِّ ها طوال َ اليوم ... أمَّ ا أنا، فلا أملك سوى كُرَتي، ومع ذلك هي مَ ن تُوبِّ خني! كَم ْ أكره البراغيث ... »أ. ك. ر. ه. ه. أ«. أعتقد أنها تستطيع لدْغ َ الطاهية أيضً ا )أتمنَّ ى الآن غيري أنا، وكأنني قطعة من السكَّ ر ... ُّ ألا َّ تصل َ إلى زينا المسكينة(، لكنها لا تعض يبدو أنني التقطت ُ هذه البراغيث َ من القطط الصغيرة عندما قفَ زَت فوق رأسي. حسنًا، سأذهب ُ إلى غرفة المعيشة الآن، وأستلقي على السجادة الخَ شِ نة وأفرك ظهري بشِ دَّ ة حتى من هذه البراغيث. هوو. هوو. هوو! َ أتخلَّ ص َ أوه، لقد أشعلوا الموقد. انظروا إلى الشُّ علة الملتهِ بة. ماذا تكون هذه الشُّ علة؟ لا أحد يعرف. فوكس ميكي الكلب ُ الشاعر الذي لا يوجد أذكى منه في هذا العالَم أسئلة متنوِّ عة عن أحلامي وعن أفكاري الكلابية السؤال عبارة عن جملة في نهايتها خطَّ اف ٌ يُسمَّ ى علامة َ الاستفهام، وأنا لدي َّ خمسة ُ أسئلة تعذِّ بني. لماذا قال والد زينا أن عينَيه وقَعتا من وجهه بينما عيناه لم تذهبا إلى أي ِّ مكان؟ ُ لقد تحقَّ قت ُ من ذلك بنفسي. لم َ يقول كلمات ٍ لا يَعنيها؟ تسلَّ لت ُ إلى أعلى الخزانة، وجلست 10 يوميات فوكس ميكي أمام المرآة حتى أستطيع أن أراه بنفسي، وبالفعل لم يحدُث ما قاله؛ كانت عيناه في مكانهما بوجهه. وسؤال آخَ ر: هل تعيش الثعالب على سطح القمر؟ وماذا تأكل؟ وهل تَعوي عندما مثلما أعوي عندما أرى القمر؟ وأين تذهب عندما يختفي القمر لعِ دَّ ة أيام؟ لا َ ترى الأرض أحد َ يعرف أين يذهب القمر. ميكي ... ميكي ... سوف تُصاب بالجنون من كثرة التفكير. لماذا تذهب الأسماك إلى سطح البحيرة حتى تقع في الشبكة؟ أيُعقَ ل أن َّ فُضولها يأخذها في هدوء في البرِ كة؟ ُ إلى سطح الماء كي تعرف شكل َ الحياة في الخارج؟ ألا َ يُمكِنها العيش أشعر بالأسف حقٍّ ا من أجلها؟ في الصباح تَسبح وتُخرِ ج الفقاعات الصغيرة، وفي المساء تُهضَ م في مَ عِ دة بشرية مُظلِمة وضيِّ قة. وعلاوة ً على هذا، هناك هذه القطة الماكرة التي تَحُ وم في الحديقة طوال َ النهار مُتربِّ صة ً بها. لماذا عندما أتصرَّ ف تصرفًا سيئًا، يضعون كمَّ امة ً على فمي، بينما يَثمل البستاني ُّ مرتَين َّ في الأسبوع ويتشاجر مثل الثور المجنون ولا يُعاقِ بونه أبدًا؟ يقول عم ُّ زينا إن البستاني ٍ أُصيب َ بصدمة من جرَّ اء انفجار ِ قذيفة بالقرب منه في الحرب؛ ومن ثَم يَحظى بمعاملة خاصة. سأكتشف ُ يومً ا ما معنى »صدمة القذيفة«، ثم أُصيب نفسي بها كي يُعامِ لوني العَ ظم )إنني دائمً ا ما أخبِّ ئ بعضً ا منها ... َ معاملة ً خاصة. سأذهب ُ الآن وأقضم ُ بعض أين؟ لن أخبرك بالطبع( ... وبعدها أعود ُ إلى الكتابة مرة ً أخرى. آه لو تَعلمون ما رأيتُه في حُ لمي! بدا الأمر ُ كما لو أنني مدير ُ مدرسة للكلاب. تجلس الكلاب في الفصول الدراسية وتتعلَّ م تاريخ الكلاب المشهورة، وقواعد السلوك الجيد للكلاب، وكيف تأكل العَ ظم، وأمورًا أخرى مفيدة لها. دخلت ُ إلى فصل المبتدئين وألقيت ُ عليهم التحية: »مرحبًا يا جِ راء«، ثم صدَر عن عنهم يا سيد ٍ الميكروفون هذا الصوت: »جاف جاف جاف«، وسألتُ : »هل أنت راض موبس«. وهنا، انحنى السيد موبس معلِّ م الموسيقى وأخبرني أنه ليس لديه أي ُّ شكوى، ولكنهم يريدون التدرب. فقلتُ : »حسنًا ... حسنًا، لا مشكلة. يُمكِنك إعطاؤهم نصف َ ساعة للتدريب«. لكن، يا إلهي، ماذا حدَث بعدها؟ لقد شكَّ لت الجِ راء ُ الصغيرة عصابة ً وهجَ مَ ت عليَّ . طرحَ تني أرضً ا وسكَب أحدُهم المِ حبرَ ة فوقي، بينما وخَ زني آخَ ر ُ بريشة في طرف ِ ذيلي. بعدها، بدأ جَ رْو ثالث بسحب ِ أذني يَمْ نة ً ويَسرْ ة، كما لو كانت من المطَّ اط ... 11 يوميات فوكس ميكي ُ صرخت ُ مثل بخارية، واستيقظت ُ أخيرًا. أول ما لمحتُه هو القمر، وعلى ضوئه رأيت صرصورًا يجلس على الأرض، ويأكل قطعة ً من بقايا البسكويت التي أوقعَ تها زينا. تركت ُ غرفة َ زينا وتسلَّ لت ُ إلى الرواق خلف المطبخ، ثم جلست ُ على السجَّ ادة بجانب سرير الطاهية. فأنا — كما تعلمون — لا أحب ُّ الطاهية، إن َّ صوت َ شخيرها العالي يَكفي لتحريك المعلَّ بات فوق الرف، كما أنها تُمسِ ك بساقها اليُمنى طوال َ الوقت تحت البطانية وتهزُّ ها أثناء النوم ... لكن لماذا تفعل ذلك يا تُرى؟ تحوَّ لت النافذة ُ إلى اللون الأبيض، بينما كنت ُ أفكِّ ر وأتساءل عما يَعنيه حُ لمي. لدى الطاهية كتاب ٌ مُهترئ اسمه »كتاب الأحلام«، كثيرًا ما تتصفحه بأصابعها السمينة وتقرأ الأمور عن زَوج ٍ مُرتقَ ب. لا أعلم مَ ن سيتزوَّ ج سيدة المقلاة هذه! لكن هل سيفيد َ بعض كتاب ُ الأحلام في حالتي؟ لا أعتقد أنه يحتوي على تفسير لأحلام الكلاب؛ فهم يظنُّ ون أننا لا تُراوِ دنا أحلام ... لكن لا؛ هذا الحُ لم كان في مُتناوَل يدي ... لا، مهلا ً ... كان في مُتناوَل مِ خلبي. أفكار ُ يتجمَّ د الماء في الشتاء تمامً ا كما يَحدث لي كل َّ صباح. إن َّ أبشع َ اختراع ٍ بشري هو أطواق ويَخبز الخبز َ على الرغم من وجود ِ مَ خبَز بجانب َ الكلاب الجلدية. لماذا يَحرث جارُنا الأرض ُ منزله؟ لماذا عندما يتبوَّ ل الجَ رْو على الأرض يُوبِّ خونه، وعندما يَفعل شقيق ُ زينا الصغير جديدة؟ لقد تَشاجرت ُ مع القنفذ لكنه َ الشيء َ نفسَ ه يغيرِّ ون حِ فاضَ ه ويُلبِسونه ملابس مُخادِع، أخفى رأسَ ه وأدار لي ظهرَه المليء بالشوك. إررر! أي ُّ نوع من القتال هذا؟ عندما ِ أكلت ُ النقانق، ابتلعت ُ عن غير ِ قصد ٍ خيط َ النقانق الشبيه بالدُّ ود، فهل سأصاب ُ بالتهاب الزائدة الدودية؟ تُشبِه رائحة ُ زينا حليب َ اللوز، وتشبه رائحة ُ والدتها كعكة ً دافئة، وتشبه رائحة ُ والدها حقيبة ً قديمة، أمَّ ا رائحة ُ الطاهية ... فالأفضل ُ ألا َّ أقول. لا مزيد َ من الأفكار الآن. هوو! لماذا لا يعطيني أحد ٌ قطعة ً من السكَّ ر؟ فوكس ميكي الذي يَجدُر به حقٍّ ا أن يكون أستاذًا 12 يوميات فوكس ميكي فوضى خريفية حل َّ الخريف. المطر ُ يُحطِّ م كل َّ شيء. لماذا لا يكل ُّ المطر ُ من التدمير طوال َ اليوم؟ تتساقط جميع ُ الأوراق الصفراء، وسرعان ما يصبح الشجر ُ عاريًا تمامً ا. وبعدها، يُخيِّ م الضباب، ُ وبسببه تَصعَ د كلبة ٌ في الشارع الخلفي فوق الكشك، وتَعوي من الصباح حتى المساء. أذهب أحيانًا لزيارتها. لكنها غبية وغير متعلِّ مة مثلي، عندما ألعب ُ معها وأحاوِ ل الإمساك َ بذيلها بطني بأسنانها ... إنها شرَ ِ سة. ُّ برِفق، تضربني على رأسي بكفِّ ها، وتعض ضباب ... ضباب ... ضباب ... ... وَحْ ل ... وَحْ ل ... وَحْ ل ثم فجأة تشعر بالدِّ فء، وترى الطيور َ تنطلق محلِّ قة ً في كل ِّ اتجاه. سوف تصبح السماء ُ زاهية ً مثل تنُّ ورة زينا الزرقاء عندما تغسلها. وسوف تظهر أشياء ُ خضراء صغيرة البُنِّ ية الموجودة في الحديقة، ثم سوف تتفتَّ ح هذه الأشياء وتستدير وتسقط ... ِ فوق العِ صي أوه، جيد. إنه الربيع. تزداد الأشجار بهاء ً كل َّ الربيع، حتى القديمة منها. لكن هذا لا يَحدث للبشر أو الكلاب ... كيف؟ عَ م ُّ زينا، على سبيل المثال، أصلع ُ تمامً ا. سقَ ط كل ُّ الشعر عن رأسه فأصبح عاريًا مثل َ كُرَة البلياردو، فهل يُمكِن أن يَنبت العُ شب الأخضر على جمجمته من جديد لقدوم الزهور؟ ُ الربيع؟ أو ربما بعض أم هل يُمكِن أن يَنبت للكلب بُرعم ٌ أخضر ُ في طرف ذيله في نهاية أبريل؟ لا أستطيع أن أغير ِّ العالَم للأسف، فماذا يُمكِن لكلب ٍ صغير مِ ثلي أن يفعل؟ في المنزل تعم ُّ الفوضى، يُزيلون السجاد َ من مكانه، ويضعون عليه مادة ً تُسمَّ ى نا... بمجرد ِ ذِ كر اسمها. ولذا، لا أدخل إلى الغرف. بل أستلقي ُ فتا... لين. هوو! إنني أعطس على الشرفة وأفرك أنفي بمَ خالبي. وكما هو معلوم، فإنني حافي القدمَ ين دائمً ا، ولا أستطيع التجول في الأرجاء دون َ أن يَعلَق هذا الشيء ُ بقدمي ... إنها مِ حنة ُ كل ِّ عام! تَجمع ُ زينا كتبها وتُرتِّ بها. وفي الوقت نفسه، يَرقد شقيقُ ها في فراشه ويَصرخ مثل الجَ رْو. أمَّ ا أنا فوكس ميكي، فأسعل ُ مثل إنسان بتواضُ ع وأدب؛ إذ أعاني من التهاب الشُّ عب الهوائية. أتمنَّ ى أن يذهبوا من دوني. لن أذهب َ معهم إلى باريس تحت أي ِّ ظرف، سأختبئ في القش بجوار البقرة ولن يَجِ دوني ... حسنًا، ماذا يوجد في باريس؟ عندما اصطحبوني ِّ إلى طبيب الكلاب هناك، رأيت ُ مليون َ شارع )والمليون أكثر من عشرة(، وأينما تنظر في كل 13 يوميات فوكس ميكي َ لها. أمَّ ا السيارات، فهي ْ مكان، فإنك ترى نفسَ ك محوطًا بسيقان وأقدام ٍ كثيرة لا حصر مثل وحيد ِ قرن ٍ مخمور، تنطلق مُسرِ عةً ، وتطلق أزيزًا، وتتحرَّ ك حولك في كل مكان ... لم أترك تنُّ ورة زينا من بين أسناني طوال َ الوقت، كانوا يَسحبونني من السلسلة، والكمَّ امة تضغط على فمي، وما زلت ُ مشغولا ً بالتفكير كيف يُمكِن لأحد ٍ أن يعيش في مثل هذه المدينة المزدحمة؟ علاوة ً على أنني لا أستطيع الجلوس َ بجوار النافذة في سلام حتى تظهر لي ساق ُ إنسان، والبوَّ اب كان يناديني بالخنزير الصغير، وبعد َ هذا كلِّ ه، يتساءلون لم َ أختبئ بين الكراسي وتحت الأرائك! لأنهم يَلُومونني على ما أصابني من البراغيث وانتشارها في أرجاء المنزل. أنا لا أصنع البراغيث، كما أنها تنتشر وحْ دَها في كل مكان ... أوه، كم بَدَت الكلاب الأخرى مُقزِّ زة! بولدوج ذو المَخالب الطويلة والقِ ناع الذي يغطي الناس، والكلب ُ المخطَّ ط الذي يشبه الجزَّ ارين، أمَّ ا كلاب ِّ وجهَ ه بالكامل لمنعِ ه من عض اللولو فهي أقرب ُ إلى الحشرات من الكلاب، آذانُها مُتدلِّ ية، وعيونُها ناعسة ... هوو! هوو! كَم ْ هذا غريب! لماذا هذه الكلاب مختلفة إلى هذا الحد، لكن للقطط كلها الشكل نفسه؟ ومع ذلك، تقول زينا دائمً ا إن َّ كل َّ الكلاب مُتشابِهة، كما أن َّ الكلاب َ غالبًا ما تُشبِه سادتَها، والسادة غالبًا ما يُشبِهون كلابَهم. ماذا عنَّ ا نحن: زينا وميكي؟ حسنًا نحن مُتشابِهان، الاختلاف الوحيد هو أن رَبطة َ شَ عرها خضراء ورَبْطتي صفراء. أخْ ! كيف أستطيع الخروج َ والباب ُ مُقفَ ل! المِ عطف ُ على الأريكة، لكن لا أعرف كيف أختبئ داخله. وللأسف مهما قلت، فالأيدي مهمة. جاءت شاحنة وأخَ ذَت الأمتعة، وفي غرفة من مكان لآخَ ر؟ من أجل العمل؟ ُ الطعام تناثرت الأوراق والمُهمَ لات. لماذا ينتقل الناس التعليم؟ بحثًا عن مَ سكَن جديد؟ »هذا التنقل أشبه ُ بحياة الكلاب!« يقول والِد زينا إن َّ حياة َ الكلاب أفضل ُ من التنقل، وهذا ما أعرفُه أنا بالفعل. سوف يتركونني هنا، سأكوِّ ن صداقة ً مع كلبة الفِ ناء، ولا شيء َ آخَ ر لأفعله. أخبرَتني زينا ألا َّ أبكي؛ وعَ دَتني بأن ْ تَزُورني مرة ً كل َّ أسبوع إذا أحسنت ُ التصرف. سوف أفعل! إنني أحبُّ ها كثيرًا! أخذت ُ ألعق ُ وجهَ ها طوال َ اليوم وهي تُربِّ ت على أنفي ... إنها صديقتي الرائعة. أُمر البستاني ُّ بإطعامي، فلْيُحاوِ ل أن يَنساني مرة ً وسوف أحطِّ م كل َّ زجاجاته الغالية! كما أن الجزَّ ار يحبُّ ني، وعندما يأتي إلى هنا بالتأكيد، سوف يعطيني شيئًا ما. 14 يوميات فوكس ميكي لقد كبرَت القطط ُ الصغيرة؛ فهي تَكبر سريعً ا ... لقد نَسِ يتني تمامً ا واندفعَ ت في أرجاء علي َّ تكوين ُ صداقات معها من جديد ... َّ الحديقة كأنها هنا منذ قرون. سيَتعين لكن الشيء الأكثر أسفً ا هو أن قلمي الأخير قارَب َ أن يَتآكل سِ نُّ ه تمامً ا. كما أنهم أزالوا كل َّ شيء من المكتب. أوه، لماذا لم أفكِّ ر في تَخبئة المزيد من الأقلام؟ وداعً ا يا مُذكِّ راتي ... لقد توسَّ لت ُ إلى زينا كثيرًا من قبلُ، توسَّ لت ُ كثيرًا حتى إنني وافقت ُ على ارتداء ِ الفستان الذي تحبُّ ه ووقفت ُ أمام طاولة المكتب، لكنها لم تَفهَ مني وأخذَت تضع الشوكولاتة في فمي، يا لها من مأساة! الأمر صعب ٌ دون َ أيْدٍ، لكن دون َ لسان فهذه كارثة! دفتر ملاحظاتي أثمن ُ من الذهب والفِ ضَّ ة والماس. سأضعُ ه تحت الخِ زانة ليَبقى هناك حتى الربيع القادم ... هوو! هوو! يا إلهي! لاحظَت زينا أنني أكتب ... إنها قادمة ٌ نحوي. سوف أبتعد ... أنا وَحْ دي لا يوجد أحد ٌ في البيت، تهب ُّ رياح ٌ كلابية من خلال جميع الشُّ قوق )لماذا رياح ٌ كلبية؟(. ُ بوجه ٍ عام، الرياح ُ حمقاء: إنها تهب ُّ في حديقة خالية، وليس هناك ما يُوقِفها. ما زلت ُ أستطيع التعامل معها بطريقة ٍ ما في الفِ ناء، أقف ُ وظهري للرياح ورأسي للأسفل وأبسط ساقي َّ الأماميتَين، و»أتظاهر أنني لا أهتم« كما يقول البستاني. لكن حتى في الغُرَف المغلَقة لا يُمكِنك الاختباء ُ من الرياح المتسلِّ لة؛ فهي تندفع من ً تحت الباب، ومن خلال فتحات ِ النوافذ، وعبر فُوَّ هة المدخنة، وتُصدِر ضجيجً ا وصريرًا وعواء كما لو كانت كلبة ً حاملاً . الرياح ليس لديها طوق ٌ ولا مَ عِ دة ولا جسد، ولكن لا أستطيع أن أفهم لماذا تَعوي طوال َ الوقت ... ً عينَيَّ ، وأحاول الهروب َ من الضَّ جَّ ة. سأقدِّ م كُوبًا كاملا ُ أزحف ُ تحت الوسادة، وأُغمض من دقيق ِ الشوفان )لأنه رهيب!( لو أن َّ أحدًا يوضِّ ح لي لماذا هناك خريف ولماذا هناك شتاء؟ لماذا يوجد مثل هذا الوَحْ ل الذي لا يُمكِن اختراقُه في كل ِّ الشوارع، والذي لم أرَه إلا تحت وحيد القرن في حديقة الحيوان. الجو رطب، والأغصان عارية ٌ تُصفِّ ق وتترنَّ ح. رأيت ُ غُرابًا يشبه الحيوانات ِ المَحشوَّ ة، كان ينظر إلي َّ وكأنه يقول: »وأنت لماذا لم يَصطحبوك معهم إلى المدينة؟«. 15 يوميات فوكس ميكي لأنهم لا يريدونني! هذا أمر ٌ مؤسِ ف لكني بخير. بالأمس بَكيت ُ بالقرب من المِ دفأة، لقد كانت مُقزِّ زة وسط َ الظلام والرطوبة. وجدت ُ شمعة ً لكني لا أعرف ُ كيف أُشعِ لها. هوو! ُّ هذا صوت ُ خربشة ِ الفئران. على الرغم من أن َّ الثعالب َ لا يُفترض أن تفعل هذا، فإنني أُحب الفئران َ حقٍّ ا. لماذا نَلُوم هذه المخلوقات ِ اللطيفة َ لكونها صغيرة جدٍّا وجائعة ً طوال َ الوقت؟ بالأمس، ظهَ ر فأر ٌ صغير وبدأ في دحرجة ِ الجَ وز المُخزَّ ن من العام الماضي على الأرض. أنا أيضً ا أُحب ُّ أن أقوم بدحرجة الأشياء. أردت ُ حقٍّ ا أن ألعب معه، لكنني قاوَمتُ : »اجلس ً مكانَك أيها الأحمق! أنت كبير بحجم ِ الفيل، ستُخِ يف الفأر َ الصغير، وحينَها لن يأتي مرة أخرى. ألست ذكيٍّا؟«. ُ اليوم، أصبح الصغير ُ جريئًا لدرجة ِ أنه صعِ د إلى الأريكة وتَشمَّ م مِ خلَبي. عضضت لساني وجفلتُ . هووه! كَم ْ أُحبُّ ه! ولكن كيف يُمكِنني حمايتُه من القطة؟ ... إذا تجرَّ أت القطة ُ على لمسه، فسوف أطاردُها إلى أعلى شجرة عيد الميلاد، وسأقف هناك طوال َ اليوم ... يا إلهي، كَم ْ أكرهُ ها! لماذا أشجار ُ عيد الميلاد خضراء ُ طوال الشتاء؟ أعتقد ُ أنه بسبب وجود الإبر. بالطبع، فأشجار ُ عيد الميلاد لا تحتوي على أوراق بل إبَر، جرِّ ب ْ أن تَلمسها بنفسك! إنها إبر ٌ رقيقة تمر ُّ الريح ُ خلالها وكأنها مُنخُ ل ... لا ألعب ُ مع البستاني؛ فهو غاضب ٌ طوال َ الوقت بسبب الوَحل الذي يَكسو مَ خالبي، ماذا أفعل؛ هل أرتدي أحذية ً من أجله أم ماذا؟! آه صحيح، نسيت ُ أن أكتب ... هناك شيء ٌ وحيد جيد حدَث َ خلال هذه الفترة، وهو َ أنني عثرت ُ على صندوق سيجار مَ نسي به أقلام رَصاص في الخِ زانة، سحبت ُ الأقلام َ ودفتر حسابات من خِ زانة المؤَن، والآن أُكمِ ل ُ مُذكِّ راتي مرة ً أخرى. لو كنت ُ بشريٍّا، لأَ نشأت ُ بالتأكيد مجلة ً للكلاب. كَم ْ أصبحت ُ هزيلاً ، إذا رأتْني عمَّ ة زينا الآن، فستتمنَّ ى أن تصبح هزيلة ً مثلي؛ لأنها تريد أن تَفقد وزنَها بالرغم من أنها لا تَتوقَّ ف أبدًا عن الأكل. لقد تآمر َ البستاني ُّ والبوَّ اب ضِ دي؛ يأكلون كل َّ الطعام الجيد، ويطبخون لي هذا الشوفان َ الرهيب. يُعطون كلبة َ الفِ ناء العَ ظم َ الكبير والحَ ساء مع الخبز، بالرغم من أنها 16 يوميات فوكس ميكي لا تُقدِّ ره. ولكن كيف يُمكِنها أكل ُ هذا العَ ظم وهو أقوى من الحديد؟ والحَ ساء ... يُمكِنهم استخدام ُ هذا الحَ ساء في غسل ِ الأطباق في حانة صغيرة! حتى إنهم يَبخلون علي َّ بالحليب ... أيُّ ها الجَ شِ عون! الحليب ُ يأتي من البقرة وليس منهم. كنت جديرًا لأحلب البقرة َ بنفسي، فنحن صديقان، وهي دائمً ا ما تَمُوء عندما أركض داخل َ الحظيرة. ولكن كيف سأحلبها بمَ خالبي ... يا له من شيء ٍ مؤسِ ف! هذا مُخزٍ ، ولكنني أضطر لأكل أي شيء يُقدِّ مونه إليَّ ؛ فماذا يفعل أي ُّ مخلوق ٍ أمام الجوع؟ أحيانًا إلى شارع مُجاوِ ر لمشاهَ دة ِ عازف ٍ مشهور من ُ عندما ينحسر المطر، أركض المهاجرين. يعزف في المساء على آلة الجراموفون. إنهم يرقصون رقصة َ الفوركس روت. يجب أن يُسمُّ وها رقصة الكلب. فأنا أستطيع أن أقف َ على رِجلي َّ الخلفيتَين وأشد َّ بطني وأَدُور وأُومئ برأسي. ٍ سيتوقَّ ف الجميع عن الرقص ... سوف يجتمعون في دائرة ويضحكون بصوت ٍ عال بحيث لا يُمكِن سماع الجراموفون. ُ ِ وسيُعطونني شريحة ً من اللحم الذي بالكاد يمكنني أخذُه معي إلى المنزل. سأُحضر أيضً ا عَ ظمً ا من لحم العجل بين أسناني للإفطار ... هكذا يُذل ُّ المرء ُ نفسَ ه كي يسد َّ جوعه! ما يُحزِنني حقٍّ ا أنني أفعل هذا وَحْ دي ولا توجد كلبة ٌ يافعة تُشارِكني الرقص. لكنا رقصنا وأكلنا أيضً ا معً ا. يجب أن أُدوِّ ن كل َّ أحزاني، وإلا فسوف أنسى. نقَ رني الديك ُ في أنفي دون َ سبب. لقد صَ عِ دت ُ للتو لأُلقي عليه التحية. لماذا يهاجمني؟ يا له من وغد ٍ وَقِح! بكيت ُ وبكيتُ ، ثم وضعت ُ أنفي في حوض لجمع ِ مياه الأمطار، ولم يَهدأ أنفي إلا بحلول المساء ... لقد نَسِ يتني زينا! زحَ ف صرصور ٌ أسود ُ إلى وعاء الشوفان الخاص بي واختنق َ وغرِ ق. يا له من حظ! الطيور كلُّ ها باستثناء الديوك تطير ذَهابًا وإيابًا. والقطط مثيرة للاشمئزاز، لكنها ما زالت من الحيوانات. ولكن ما فائدة ُ الصراصير السوداء؟! كادت تَصدمني سيارة على الطريق السريع. لماذا لم تُصدِر تنبيهً ا عند المنعطَف؟ لماذا رشَّ تني بالوَحل؟ مَ ن سيَغسلني؟ أنا أكره السيارات! أ. ك. ر. ه. ها! 17 يوميات فوكس ميكي لقد نَسِ يتني زينا. أخفت ُ أرنبًا بريٍّا في الحديقة، واصطدَم بسلك ٍ شائك. هوو! كَم ْ هذا مؤلِم! قالت زينا إن المرء إذا خدَش نفسَ ه بحديد ٍ صَ دِئ، فعليه أن يضع بعضً ا من اليود على الفور. من أين أحصل على اليود؟ هل اليود يلسع ... أكلَت الفئران جزءًا من مذكراتي. لن أحب َّ الفئران َ مرة ً أخرى! لقد نَسِ يتني زينا ... اليوم َ وجدت ُ قطعة شوكولاتة قديمة في غُرفة البلياردو وأكلتُها. هذا ليس من بين ٍ صفحة َ أحزاني. لكن هناك القليل جدٍّا من البهجة لدرجة ِ أنني لا أستطيع تخصيص مُنفصِ لة لها. الوحيد الحزين الذي استبد َّ به البرد ُ والجوع أيضً ا، فوكس ميكي الانتقال إلى باريس هل تحب ُّ العِ ليَّ ة؟ أنا أحبُّ ها كثيرًا. البشر ُ يَضعون كثيرًا من الأشياء المثيرة للاهتمام في العِ ليَّ ات على عكس الغُرَف العادية حيث يضعون الكراسي َّ والطاولات ِ الصغيرة. َ كما تقول عمَّ ة زينا: »عندما يكاد قلبي الحزين أن ينفجر من الحزن، أترك ُ الحديقة ناحية َ العِ ليَّ ة.« ُ الرتيبة وأمسح ُ قدمي على الأريكة، ثم أركض َّ العصافير ُ تطير فوق زجاج السقف؛ فهي مثل الفئران لكن لديها أجنحة. أستيقظ كل يوم وأقول: »صباح الخير، أيَّ تها العِ ليَّ ة«. ِ ما؛ ولذا تجلس في حوض ٌ ثم أُلقي التحية َ على دُمية زينا القديمة. لديها مرض استحمام ٍ مُترَب وقدماها مرفوعتان لأعلى. تحدَّ ثت ُ معها عن زينا. نَعَ م، بالطبع، قلب ُ الفتاة مثل نَبْتة الهندباء. لقد نسِ يَت دُميتَها ونسِ يَت ميكي. في المستقبل سيكون لديها ابنة، وسيبدأ كل ُّ شيء من جديد ... ابنة ٌ جديدة، دُمية ٌ جديدة، وكلب ٌ جديد. هاتشوو! هناك كثير ٌ من الغبار هنا. َ أشم ُّ الثُّ ريَّ ا المكسورة وألعق ُ الكلب َ المطَّ اطي الذي لديه ثقب ٌ في بطنه ... مزَّ قت ُ الكلب المطَّ اطي بأسناني إلى أشلاء ... 18 يوميات فوكس ميكي أنا ضجِ ر ٌ وحزين في الوقت نفسه، ولا يوجد مَ ن يُلاعِ بني! الاستحمام القديم وأبني لنفسي غرفة ً في َ لو كنت أقوى، لاَ ستطعت ُ أن أُحرِّ ك حوض ببَّ غاء تحت الأريكة المكسورة، ثم أتظاهر ُ أن َّ هذه غرفة ُ نومي. َ العِ ليَّ ة. كنت سأضَ ع ُ قفص أمَّ ا طاولة البلياردو، كنت سأجعل منها مكتبًا. إنها مُنحدِرة ومُناسِ بة جدٍّا للكتابة. وفوق السطح سوف يكون مِ رحاضي. هذا »صحي« ومُمتِع في الوقت نفسه. سوف أتسلَّ ق الدَّ رَج مثل بحَّ ار حتى أصل إلى القِ مَّ ة، ثم أرمي مُخلَّ فات في المدخنة. أتشوو! نَعَ م هذا مخطَّ ط جيد. ما هذا الذي على الطريق السريع! سيارات ُ نقل ... تُرى مَ ن هناك! مَ ن؟ مَ ن؟ مَ ن؟ أووو! عادت زينا ... هذا أسبوعي الثالث في باريس، شارع ديسومبسيون )شارع أوسبنسكايا(، بناية رقم ١٦. الطابق الثالث إلى اليمين. لن تعرفني: أنا مُستلق ٍ على وسادة بجوار المدفأة مثل قِ طة صينية. رائحتي مثل ُ صابون الليلك، وأضع رَبطة َ عُ نق خضراء َ مع بطاقة فِ ضِّ ية عليها عنوان ... لو كنت أستطيع التحدث، لَسرقت ُ فرنكًا واشتريت ُ لنفسي أساور َ للأكمام أيضً ا. زينا الآن في المدرسة ... هناك كلبة ٌ صغيرة مثيرة للاشمئزاز تجلس في الشرفة المجاوِ رة. لديها كُتَل من الشعر داخل أُذنَيها، وكُتل ٌ أخرى حول عينَيها، وشعر ٌ يغطِّ ي شفتَيها، مَ ظهَ رها الخارجي يُوحي بمِ مسَ حة قديمة وليس كلبة! عندما لا يوجد أحد في الشرُّ فة، أغيظها. الأمر مُسلٍّ ! أُدير ُ ظَهري وأبدأ في القفز على دقائق َ كاملة. ِ قدمي َّ الخلفيتَين، أفعلها لخمس أوه! ثم تَنتابها نوبة ُ غضب ٍ عارمة مثل قِ طة تقفز تحت سيارة. ياي-ياي-ياي-و! أوه أوه أوه أوه أوه! أوي أوي أوي! تأتي مالِكتُها راكضة ً وفي يدها بَكرة ُ خيط، تشبهها كثيرًا؛ لديها الشعر الأشعث نفسُ ه وبطن ٌ مُتدلٍّ ، تقترب من الكلبة ثم تقول فَزِعةً : »يا حبيبتي الغالية! مَ ن أزعَ جك ِ يا صغيرتي المسكينة! انظري إلى هذا الخيط الذهبي الطويل«. في هذه الأثناء، أهرب ُ من الشرُّ فة إلى الغرفة كما لو أنني لم أكُن هناك قَط، وأقضي وقتي أتدحرج على السجادة، وأضرب ُ أنفي بمَ خالبي من شِ دَّ ة الضحك. 19 يوميات فوكس ميكي َ إن َّ الجيران َ أسفل َ منَّ ا وفي الأعلى، والمجاوِ رين لنا يمينًا ويسارًا، يعزفون البيانو طوال الوقت، أتمنَّ ى لو أستطيع أن أُخرِسهم جميعً ا وأُلصِ ق َ أيديهم بعضها ببعض فلا يستطيعوا العزف. ُّ زينا في المدرسة، لا أعلم لماذا تَدرس هذه الفتاة ُ كثيرًا؟ سوف تَكبر على أي ِّ حال وتقص شعرَها وتَستلقي على الأريكة طوال َ اليوم. أنا أعرف ُ هذا النوع من الفتيات. َ تفاحً ا وبَيضً ا. اختارت الطاهية الثمار َ للطَّ هي! َ من الضَّ يعة. أحضر ِ جاء البستاني ُّ أمس ِ )لأنها تعرفها أفضل َ من الجميع بالطبع( أنا لا أفهم هؤلاء البشر ... إنهم يَرتدون النظارات ويَرتدون نظَّ ارة َ الأنف، ومع ذلك لا يستطيعون رؤية َ الأشياء الواضحة تحت أنوفهم ... تسلَّ لت ُ إلى القاعة، وصعِ دت ُ على الكرسي، ووضعت ُ أمعاء َ السمك في جيب مِ عطَفها ... والآن دَعْ ها تعرف! ذهبت ُ مع زينة إلى السينما. كنت مُتحمِّ سً ا للغاية. لا أدري كيف يَفعلونها ... كيف يجعلون الناس والسيارات والأطفال ورجال الشرطة يَركضون على القماش؟! ولماذا لا يوجد غير الرمادي والأسود والأبيض؟ أين ذهبَت الألوان؟ ولماذا يُحرِّ ك الجميع شِ فاهَ هم ولكن لا يُمكِنك سماع ُ الكلمات؟ هذا يُذكِّ رني بالفراشات المُجفَّ فة التي رأيتُها في صندوق العِ ليَّ ة لكنها لم تَكُن تتحرَّ ك، وثانيًا كانت متعدِّ دة الألوان ... ثم أدرك َ ميكي ... أنت أحمق، هل تعتقد أنك تَفهم كل َّ شيء! كان الأداء ُ غبيٍّا جدٍّا: وقَع الرجل ُ في حبِّ ها وقاد َ سيارة ً إلى البنك. ووقعَ ت المرأة ُ في حبِّ ه ثالث. ثم كان هناك ٍ لكنها تزوَّ جت من صديقه. وذهبَت بالسيارة إلى البحر مع شخص َ حريق وزلزال في حمَّ ام الباخرة، ثم هناك رجل ٌ أسود ُ يشق ُّ طريقَ ه إلى مَ قصورتهم، ثم أدرك الجميع ... إن َّ حُ ب َّ الكلاب أذكى وأكثر ُ جِ ديةً . لا بد َّ من إنشاء سينما للكلاب. من المُخزي أن يستحوذ البشر ُ على كل ِّ شيء: الصحف والكرَّ اسات والخرائط، ولا يَبقى شيء للكلاب. لو أن َّ البشر يتركوننا لأسبوع ٍ واحد فقط، لاَ ستطعنا أن نكتب َ أفضل َ الأعمال ونحن جالسون وأقدامُنا مَ طوية. »عظمة شخص آخَ ر« ... »جنازة لكلب ٍ وحيد« ... »البودل بوب يَخدع الجزَّ ار« )للكلاب من كِلا الجنسَ ين( ... »أحلام ُ كلب ٍ عجوز« ... »سانت برنارد يُنقِ ذ 20